التضخم نوعان: اسمي يعكس النمو في أسعار سلة المستهلك، وحقيقي يعكس النمو في الطلب ويستثني العوامل المتذبذبة مثل أسعار النفط والغذاء.
في الأردن تقوم دائرة الاحصاءات العامة باحتساب التضخم الاسمي فقط، على الرغم من كون التضخم الحقيقي هو الأكثر قبولا من البنوك المركزية عالميا والأكثر تعبيرا عن الطلب الكلي في الاقتصاد.
التضخم الاسمي في المملكة عام 2014 يقارب الـ 3 %، وهو مستوى منخفض مقارنة بالأعوام السابقة، ويؤشر على حالة من الكساد في الطلب على السلع والخدمات.
كما أن التوقعات غير الرسمية تشير الى أن التضخم الاسمي سيتراجع الى مستوى 2 % خلال السنوات 2015 و 2016، خصوصا بعد التراجع الكبير في أسعار النفط في الأسواق العالمية.
بالمقابل، يشير التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي الى أن التضخم الحقيقي في الأردن يتجاوز مستوى الـ 5.5 %، في مفارقة مثيرة للاهتمام، اذ جرت العادة أن يكون التضخم الحقيقي أقل من نظيره الاسمي، نتيجة الاسهام الايجابي للنفط والغذاء في سلة المستهلك.
الصندوق يعزو الارتفاع في التضخم الحقيقي الى الطلب الاضافي المنتج عن اللاجئين السوريين، بالاضافة الى الارتفاع الاستثنائي في أسعار المحروقات نهاية عام 2014.
السبب الأول واضح، اذ ينتج عن زيادة عدد السكان زيادة في الطلب على السلع والخدمات الرئيسية، وهو ما أدى الى ارتفاع الايجارات بنحو 80 % في محافظة مثل المفرق، و 9 % في العاصمة عمان.
أما التساؤل عن سبب ضعف معدلات النمو الاقتصادي في ظل هذا التسارع في الطلب، فالاجابة أن الطلب ذهب في معظمه نحو السلع المستوردة بدلا من المنتجات الوطنية، الأمر الذي ادى الى اسهام طلب اللاجئين السوريين سلبيا في معدلات النمو الاقتصادي.
السبب الثاني لارتفاع التضخم الحقيقي يدور حول رفع الدعم عن المحروقات نهاية عام 2012، ما أدى الى ارتفاع التضخم بشكل استثنائي عام 2013، وبحيث تحمل ذات العام كامل أثر صدمة الأسعار الناجمة عن تحرير أسعار المحروقات.
ولو تم توزيع أثر رفع الدعم عن المحروقات على سنتين أو ثلاث سنوات، لكانت معدلات التضخم أقل في 2013 و أعلى في 2014 و 2015.
الارتفاع في معدلات التضخم الحقيقي يحمل في ثناياه مجموعة من الفرص الاقتصادية، وفي مقدمتها فرصة استغلال الارتفاع في مستويات الطلب في تشجيع الصناعات المحلية والمنتجات الوطنية. أما التحديات الناجمة عن الظاهرة نفسها، فتتمثل بزيادة الضغط التصاعدي على فاتورة الاستيراد، وضرورة تريث السلطات النقدية في تخفيض أسعار الفوائد.
من التحديات الأخرى أيضا مدى قدرة الحكومة على ضبط مستويات التضخم في بعض السلع والخدمات وبعض المناطق، بغية الحفاظ على حياة كريمة للمواطن الاردني، الذي عانى خلال الأعوام الماضية من ارتفاع فاتورة الايجار وارتفاع أسعار الملابس وخدمات التعليم.
المشكلة في احتساب معدلات التضخم في الأردن لا تتوقف عند عدم حساب التضخم الحقيقي، انما تمتد لتشمل مكونات السلة الاستهلاكية المستخدمة لقياس معدلات التضخم الاسمي في المملكة.
وتجنبا للاسهاب في شرح هذه القضية لكم أن تعلموا أن أسعار الايجارات تنمو بنحو 9 % والملابس بمثل هذه النسبة والتعليم بأكثر من 6 % والسجائر بـ 7 %، بينما معدل التضخم ينمو بـ 3 %!
1
5
Comments (0)